حقوقيون مغاربة يطالبون بوقف عقوبة الاعدام وحذفها من التشريع

يناشد عدد من الحقوقيين المغاربة السلطات من أجل التصويت الإيجابي لصالح مشروع القرار المتعلق بوقف عقوبة الإعدام، والذي سيعرض للتصويت في جلسة عمومية مرتقبة خلال الأيام القادمة في إطار الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
فبعد مرور ربع قرن على تطبيق المغرب لـآخر حكم بالإعدام، يرى حقوقيون أنه قد آن الأوان للمرور إلى المرحلة الثانية، المتمثلة في حذف تلك العقوبة من التشريع المغربي.
تحركات حقوقية لإلغاء العقوبة
ووجهت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” دعوة إلى الحكومة المغربية للتصويت لصالح القرار المرتقب بشأن “الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام”، الذي سيتم تقديمه في إطار الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال هذا الشهر.
وتقول المنظمة إن التصويت لصالح هذا القرار الذي يُطرح للمرة السابعة “أصبح ضرورة للانخراط في الدينامية العالمية التي تتجه بقوة نحو إلغاء عقوبة الإعدام”، كما “يمثل مؤشرا دالا على مدى التزام الدول بحقوق الإنسان قولا وممارسة”.
ورغم ترحيبها بالسياسة الجنائية للمغرب بشأن تنفيذ تلك العقوبة منذ سنة 1993، إلا أن “أمنيستي” تؤكد أن القلق مازال يساورها “جراء الاستمرار في الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في القانون وفي مسودة مشروع القانون الجنائي المعروض حاليا للمصادقة”.
المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بدورها ناشدت السلطات المغربية التصويت الإيجابي على مشروع القرار المذكور “والتخلي عن موقف الامتناع عن التصويت، الذي سلكته خلال الدورات الست الماضية، وكذا أمام اللجنة الثالثة أثناء التصويت على المشروع الجديد في شهر نونبر الماضي”.
وتعتبر المنظمة هذه العقوبة “غير رادعة، ووحشية وتنتهك الحق المقدس والمطلق في الحياة، وتتعارض مع الفصلين العشرين والثاني والعشرين من الدستور، اللذين ينصان على حماية الحق في الحياة وصيانة السلامة البدنية لكل إنسان، ومع الاتجاه العالمي المتزايد نحو إلغائها”.
ضرورة وضع حد للازدواجية
مجموعة من الحقوقيين بدورهم يناشدون السلطات المغربية التصويت على القرار المذكور، معتبرين أن ذلك سينسجم مع الوضع القائم على أرض الواقع والمتمثل في تجميد تنفيذ العقوبة منذ 25 عاما.
في هذا الإطار يؤكد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أحمد الهايج، أن استمرار إصدار أحكام بتلك العقوبة رغم توقف تنفيذها منذ سنة 1993 هو أمر “غير مفهوم”.
ويتابع الهايج، مبرزا ما يصفها بـ”المؤشرات التي تذهب عكس ما يتم تبنيه كموقف رسمي في المحافل الدولية بشأن هذا الموضوع”، من قبيل “توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان أثناء تقديم تقريره أمام البرلمان” و”الرسالة التي وجهها الملك للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد في مراكش” والتي أشادت بالنقاش الدائر حول الموضوع.
ويؤكد المتحدث ضرورة “تجاوز هذه الازدواجية”، بالتصويت الإيجابي لصالح القرار الأممي المذكور، واتخاذ التدابير الضرورية لإلغاء هذه العقوبة من التشريعات المغربية، إلى جانب المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام كما نصت على ذلك توصية هيئة الإنصاف والمصالحة.
فجوة بين التشريع والواقع
سواء حين كان وزيرا للعدل والحريات العامة أو بعدما صار وزيرا مكلفا بحقوق الإنسان (المنصب الذي يشغله حاليا)، عبر مصطفى الرميد أكثر من مرة عن موقف مؤيد للإبقاء على عقوبة الإعدام.
وقد سبق للمسؤول الحكومي المغربي أن برر موقفه بالقول إن هناك “جرائم بشعة” تستدعي عقوبة الإعدام، مشترطا في الوقت نفسه أن تكون “المحاكمة عادلة”.
خلافا لهذا الموقف، يؤكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (هيئة رسمية)، محمد الصبار، الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام وذلك “لعدة اعتبارات”.
ومن بين الاعتبارات التي يوردها المتحدث ضمن تصريحه ما يرتبط بإشكال “الأخطاء القضائية”، إلى جانب اعتبار أساسي يتمثل في كون العقوبة متوقفة فعليا منذ 25 سنة، إذ يتساءل عن المغزى من إصدار أحكام “يعلم القضاة أنها غير قابلة للتنفيذ”، في حين أن “قوة الأحكام تتجسد في تنفيذها وليس في تعطيلها” وفق تعبيره.
فعدم تنفيذ العقوبة يعني أنه “ليس لها مفعول ردعي” وذلك لكون “الجاني يعلم مسبقا أن هذه العقوبة لن تنفذ في حقه”.
من ثمة، يؤكد الصبار ضرورة “العمل من أجل إلغاء هذه الفجوة بين النص التشريعي وما يعتمل في الواقع”، وأن يوقف المغرب تلك العقوبة تتويجا لإلغائه تنفيذها منذ ربع قرن.