في اليوم العالمي لحقوق الانسان..مغاربيون مستاؤون من الوضع

تحتفي الأمم المتحدة في 10 دجنبر من كل سنة باليوم العالمي لحقوق الإنسان، إحياءً للذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقع سنة 1948، بعد الحرب العالمية الثانية.
إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان يعد أيضا مناسبة يسلط فيها الضوء على الوضع الحقوقي في العالم، بما في ذلك منطقة المغرب الكبير.
في المقابل، ينتقد مسؤولو الدول المغاربية تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية، معتبرين أنها تنشر وقائع غير صحيحة.
الزهاري: استمرار الإخلال بالالتزامات
بالنسبة للمغرب، يقول الناشط الحقوقي محمد الزهاري إن “الدولة ما زالت تتعامل في أغلب الحالات بعقلية أمنية صرفة، وتستحضر لغة العصا على لغة الحوار”.
“هذا يخل بالتزامات الدولة تجاه آليات المعاهدات والمساطر الخاصة ويجعلها محرجة أمام تقارير المنظمات الوطنية والدولية غير الحكومية”، يردف الزهاري.
ويضيف الناشط الحقوقي قائلا: “مما يؤسف له استمرار الإفلات من العقاب في بعض الحالات التي تشير فيها تقارير الجمعيات أو شكايات المواطنين إلى حالات تؤكد تورط مسؤولين في الأمن والدرك والقوات المساعدة في الاعتداء على السلامة البدنية للمواطنين”.
ويتابع المتحدث انتقاده لوضعية حقوق الإنسان في المغرب بالتأكيد على “ارتفاع وتيرة الاستعمال المفرط للقوة واستعمال العنف والسلوكات الحاطة بالكرامة والمهينة ضد المحتجين والحركات الاجتماعية”.
كما ينتقد الحقوقي المغربي “تسجيل خروقات واضحة داخل المؤسسات السجنية، والمس بالحقوق الاجتماعية خاصة منها الخاصة بضمان الحق في الصحة في ولوج الخدمات الصحية والحق في الشغل والسكن”.
وعن الحصيلة الحقوقية في المغرب خلال 2018، يقول الزهاري: “نعيش انتكاسة على مستوى مصادرة الحق في التجمع والتنظيم واستهداف الحرية والتعبير، وتوظيف القضاء في تصفية الحسابات بوتيرة تعود بنا إلى سنوات العهد البائد التي خلفت تركة سيئة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.
بوشاشي: تراجع في العشرية
الناشط الحقوقي الجزائري مصطفى بوشاشي يرسم بدوره صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي في الجزائر.
ويقول بوشاشي إن وضعية حقوق الإنسان ببلاده “تعرف تراجعا كبيرا، من خلال تقييد الحق في إنشاء الجمعيات والمنع المطلق للتظاهر السلمي ومنع الاجتماعات في الأماكن العمومية”.
ويضيف بوشاشي أن “هذا الوضع يمثل اعتداء صارخا على حرية التعبير”.
“شاهدنا خلال الفترة الأخيرة متابعات لعدة صحافيين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تحدثوا عن الفساد، بالإضافة إلى قضايا التعذيب لكون مصالح الأمن تقوم بتجاوزات خطيرة في حق المواطنين المتابعين أمام القضاء”، يستطرد المتحدث.
ولا يرغب بوشاشي في تحديد ما يعتبره تراجعا لحقوق الإنسان في الجزائر في سنة 2018، بل يشدد على أن “الجزائر تراجعت حقوقيا كثيرا خلال السنوات العشر الأخيرة”.
لكن المتحدث يستدرك مؤكدا على أنه ثمة إمكانية لتحسين الوضع الحقوقي في البلاد.
“أعتقد أن الوضع يمكن أن يتغير، لأننا نعيش في ظل نظام شمولي غير ديمقراطي ولا يمكن أن نتحدث عن تطور إيجابي لحقوق الإنسان عندما يكون النظام غير ديمقراطي لا يؤمن بالفصل بين السلطات ولا يؤمن باستقلال السلطة القضائية”، يردف بوشاشي.
حميدة: تطور بتونس ولكن!
أما بالنسبة لتونس، فتتبنى الناشطة الحقوقية ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بلحاج حميدة موقفا مغايرا.
وترى هذه الناشطة الحقوقية أنه “لا مجال للمقارنة بين وضعية حقوق الإنسان في تونس قبل سنة 2011 وما هي عليه حاليا سواء، من حيث التشريع أو الممارسة”.
وتعتبر بلحاج حميدة أن “انتهاكات حقوق الإنسان في تونس تبقى فردية وليست ممنهجة أو مؤسساتية”، مضيفة: “هذا يحدث في أي بلد حتى إن كان ديمقراطيا”.
وترى المتحدثة أن “هناك تحسنا مهما وتغيرا جذريا على مستوى الحريات العامة”.
في المقابل، تؤكد الناشطة الحقوقية أنه “على مستوى الحريات الفردية لا تزال هناك رواسب قديمة، بالإضافة إلى المفهوم الأخلاقي لهذه الحريات في القوانين”، وفق تعبيرها.
“الحريات العامة تحررت بعد الثورة قبل أن يتم تشريعها في القوانين، بينما الحريات الفردية لم يكن هناك حراك كبير، لكن بعد الثورة أثارت منظمات حقوق الإنسان وسنسير نحو دعمها وتقنينها”، تزيد حميدة موضحة.
وتؤكد المتحدثة أن “حرية المعتقد مضمنة في الدستور التونسي ولكنها ليست مقننة في القوانين، بالإضافة إلى الحرية الجسدية”.
رؤى مختلفة
في المقابل، يعتبر مسؤولون بالدول المغاربية، إلى جانب محللين سياسيين، أن المنظمات الحقوقية الدولية “تتعمد رسم صور سلبية عن الوضع الحقوقي في هذه الدول”.
وفي هذا الصدد، يوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض المغربية، محمد الزوهري، أن تحفظ المغرب في تعامله مع هذه المنظمات “واجب وطني لحماية البلد وصورة الوطن من خلال مغالطات لا تمت للواقع بصلة”.
ويرى المحلل السياسي أن منظمات حقوقية دولية “تنشر تقارير مغلوطة تكون في الغالب غير مبنية على حقائق ولا وقائع، بل جميع التقارير مبنية على أحكام جاهزة”.
الموقف نفسه يتبناه المحامي فاروق قسنطيني، الرئيس السابق للهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجزائر.
ورغم إقرار قسنطيني، بوجود “تجاوزات حقوقية غير لائقة”، لكنها لا تبرّر حسبه “المبالغة التي تتضمنها التقارير الدولية حول الجزائر”.
واعتبر المتحدث أن التقارير الدولية بشأن حقوق الأقليات والمهاجرين والحريات “لا تتضمن وقائع دقيقة، أو عينات واضحة”، واصفا إياها بـ”العمومية وغير الدقيقة”.