مجتمع

بالمغرب..الطلاق الشفوي من الناحية القانونية “لا ينتج أي أثر”

رغم مرور ما يقارب السنتين على إصدار “مؤسسة الأزهر المصرية” بيانها الذي تؤكد في مضمونه وقوع الطلاق الشفوي “دون اشتراط إشهاد أو توثيق”، تجدد الجدل مؤخرا في المغرب بشأن الموضوع، وتساءل كثيرون عما إذا كان هذا الأمر يطرح “تعارضا” بين الفقه والقانون.

الرأي القانوني يشدد على كون الطلاق الشفوي ليس له أي أثر من الناحية القانونية، ذلك أن مدونة الأسرة تفرض سلك مسطرة معينة ليتم الطلاق، وذلك بشكل “يحفظ حقوق المرأة، وكذلك الأطفال إن وُجدوا”.

أما الرأي الديني، فبدوره يؤكد أن إنفاذ الطلاق يستوجب التوثيق، ويرى أن “الفقه التقليدي” كان يعتبر الطلاق الشفوي طلاقا نافذا “بحكم أنه لم تكن وسائل الإثبات والتوثيق متطورة كما هو عليه الحال اليوم”.

شروط إنفاذ الطلاق

المحامي، خالد الإدريسي، يؤكد أن الطلاق الشفوي من الناحية القانونية “لا ينتج أي أثر”.

فعلى الراغب في الطلاق القيام بالمسطرة المقررة في مدونة الأسرة بدءا بالتقدم بدعوى لدى محكمة قضاء الأسرة مرورا بجلسة البحث وصولا إلى محاولة الصلح ليتم بعدها في حال لم يتم الصلح إصدار الحكم وتحديد المستحقات للمرأة وللأطفال إن وُجدوا، ما يعني “ضرورة القيام بالمسطرة تحت رقابة القاضي حتى يكون الطلاق نهائيا”.

أما بالنسبة للطلاق الشفوي، فيوضح المتحدث أنه “ربما كان قبل سنة 1993 في إطار قانون الأحوال الشخصية وليس مدونة الأحوال الشخصية التي جاءت في تلك السنة.

والتي تم تعديلها بمقتضى مدونة الأسرة سنة 2004”.

فحينها (أي قبل 1993) “كان يمكن للطلاق الشفوي أن ينتج أثره”، وبعدها، أي في ظل مدونة الأحوال الشخصية، كانت مسطرة الطلاق “متيسرة بالنسبة للرجل، بحيث كان يمكن أن يصدر الحكم حتى في غياب المرأة”.

أما مدونة الأسرة، فقد “أعطت مجموعة من الضمانات لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة” يقول الإدريسي، من أشكالها كونها جعلت الطلاق يتم تحت رقابة القاضي “حماية لمصلحة وحقوق المرأة والأطفال”.

ضمان الحقوق بالتوثيق

بدوره يوضح، رئيس المجلس العلمي المحلي بالصخيرات تمارة، لحسن السكنفل، أن “الطلاق الشفوي يجب أن يكون تحت إشراف القضاء”، الذي يعطي الزوج إذن توثيقه لدى عدلين، بعد سلك مسطرة معينة.

“فبناء على المدونة والاجتهاد الفقهي الذي أخذ به العلماء وفقهاء القانون لا يعتبر الطلاق طلاقا إلا بتوثيقه” وذلك “ضمانا لحقوق المرأة” يقول السكنفل الذي يشدد على أهمية التوثيق الذي تضيع في غيابه حقوق كثيرة، وفق تعبيره، في حين أن “الشريعة جاءت لضمان الحقوق”.

ويتابع المتحدث تصريحه لـ”أصوات مغاربية”، مبرزا أن من أراد الطلاق وتلفظ به فعليه التوجه إلى المحكمة وسلك المسطرة اللازمة وأداء الواجبات ليقوم بعدها بتوثيقه، مشددا هنا على أن الطلاق “إن لم يوثق لا يعتبر طلاقا”، حتى إن “هناك من يعتبره لغوا”.

من جهة أخرى، ينبه السكنفل إلى حالات حيث “قد يحتد الزوجان في الكلام فتطلب الزوجة الطلاق، وهنا قد يجيبها الزوج بالعبارة التي تفيد أنه طلقها”، وهنا يوضح أن “هذا الطلاق لا يقع” ما دام الزوج كان في حالة غضب.

قوانين الدولة المدنية

من جانبه، وتعليقا على الجدل و”التشويش” الذي أثارته فتوى “الأزهر”، يرى الباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، أن “الإشكال أعمق من قضية الطلاق الشفوي أو غيرها من القضايا التي يقع فيها تعارض بين الفقه والقانون”.

ويتابع المتحدث موضحا في السياق نفسه أن “مشكلة الفقهاء التقليديين وكثير من المتصدرين لباب الفتوى وإعطاء الأحكام الشرعية للناس أنهم لم يستوعبوا بعد أننا نعيش في دولة مدنية وليس في دولة دينية”.

فالأصل في الأولى “أنها خاضعة للقوانين التي تعلو ولا يُعلى عليها”، تلك القوانين التي “لم يستوعب هؤلاء الفقهاء”، حسب رفيقي “أنها ليست إلا تطويرا للفقه وأن الفقه التقليدي ليس إلا قانونا كان مناسبا لعصره وليس دينا يجب الالتزام به في كل زمان ومكان”.

من ثمة، وعلاقة بقضية الطلاق الشفوي، يوضح رفيقي أن “الفقه التقليدي كان يعتبره طلاقا نافذا بحكم أنه لم تكن وسائل الإثبات والتوثيق متطورة كما هو عليه الحال اليوم”، مضيفا أن “القانون حسم في هذا الموضوع وغير القوانين الفقهية في هذا الباب وألغى اعتبار الطلاق الشفوي الذي لا يمكن إنفاذه إلا إذا حكم به القاضي في محكمة وتم توثيقه والإشهاد عليه واستوفى كل الشروط كما في عقد الزواج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *