الشعيبية..من طفولة محرومة إلى فنانة تشكيلية مشهورة

تعتبر سيرة حياة الفنانة التشكيلية المغربية الراحلة، الشعيبية طلال، واحدة من أغرب سير المشاهير، فقد تمكنت هذه السيدة التي عانت طفولة صعبة، والتي حرمتها الظروف من التمدرس، من أن تصبح واحدة من أشهر رائدات الفن الفطري في المغرب، وجالت لوحاتها مختلف أنحاء العالم.
يتم وحرمان
رأت الشعيبية طلال، النور أواخر عشرينات القرن الماضي، وتحديدا سنة 1929 باثنين اشتوكة، نواحي إقليم الجديدة، وذاقت مرارة اليتم وهي طفلة صغيرة.
لم يكن التعليم بالأمر المتاح والممكن بالنسبة لها، ولذلك فهي لم تتمكن من الدراسة، وبدل تعليمها تم تزويجها.
زواج وترمل
تزوجت الشعيبية طلال أو بالأحرى تم تزويجها وهي طفلة قاصر، ولم تمر سوى فترة قصيرة على إنجابها لابنها الوحيد، حتى توفي زوجها لتجد نفسها وقد أصبحت أما وأرملة وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر.
لم تتزوج الشعيبية طلال مرة أخرى، فقد قررت تكريس حياتها لتربية وتعليم ابنها الوحيد.
‘حلم’ غير حياتها
النقطة المفصلية في حياة الشعيبية طلال، كما يروى كانت حلما راودها في إحدى الليالي، “حيث ناداها مناد ووجهها نحو الرسم، وأشار لها بأن قدرها أن تكون رسامة”.
استجابت طلال لنداء الحلم، غير أنها لم تكن تستطيع التفرغ للرسم، فقد كانت مسؤولة عن إعالة ابنها ونفسها، ولذلك كانت تقضي نهارها في العمل، وفي المساء تطلق العنان لموهبتها الخفية.
شهرة عالمية
ستخرج موهبة الشعيبية طلال إلى النور، في ستينيات القرن الماضي، حين اكتشفها الناقد الفرنسي بيير كوديبير، ومن هناك ستبدأ محطة جديدة في حياتها، بحيث تمكنت هذه الفنانة العصامية من الانطلاق نحو العالم.
جالت لوحات الشعيبية طلال معارض في العديد من البلدان وتمكنت من خطف الأنظار والأضواء كفنانة صنعت نفسها بنفسها، ونجحت رغم الظروف الصعبة من تنمية موهبتها وإظهارها للعالم.
رائدة الفن الفطري
توفيت طلال، التي تعد رائدة الفن الفطري بالمغرب، سنة 2004 عن سن تناهز خمسة وسبعين عاما، مخلفة رصيدا فنيا مهما.
وتعتبر لوحاتها من أغلى اللوحات المغربية، بحيث بيعت إحدى لوحاتها، سنة 2010 وهي لوحة “قريتي اشتوكة” بمبلغ مليون ونصف المليون درهم (أزيد من 150 ألف دولار أميركي)، وهو المبلغ نفسه الذي بيعت به لوحة أخرى تحمل توقيعها سنة 2014 وهي لوحة “حفلة زفاف”.
فيلم سينمائي
“الشعيبية.. فلاحة الفنون” هو عنوان فيلم صدر قبل نحو ثلاث سنوات، للمخرج يوسف بريطل والذي قامت ببطولته الممثلة السعدية أزكون في دور الشعيبية طلال إلى جانب عدد من نجوم الشاشة المغربية، من بينهم لطيفة أحرار ومحمد خيي.
يقدم الفيلم سيرة الفنانة التشكيلية المغربية الشهيرة، ويرصد ولعها بالألوان والطبيعة منذ مرحلة الطفولة وكيف لم تحل الظروف الصعبة التي عانتها دون بروز موهبتها.