الخطاب الملكي: المغرب يسير نحو وضع قطيعة مع المركزية

قال الباحث الجامعي عبد العزيز قراقي إن الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب، فيه تأكيد قوي على أن نجاح أي مشروع تنموي وطني يمر عبر إفراز طبقة متوسطة حقيقية في العالم القروي، تنتقل بالفلاحة المغربية بشكل نهائي من نظام معاشي إلى نظام إنتاجي تنافسي.
وأوضح نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية (السويسي-جامعة محمد الخامس) المكلف بالبحث العلمي والتعاون والشراكة، في قراءته لأهم مضامين الخطاب الملكي، أن الملك أبرز في هذا الخطاب ضرورة وضع حد للفوارق التنموية البادية بشكل واضح بين العالم القروي والمدن، مما يفرض، برأيه، إعادة النظر في الوعاء العقاري الذي تشكله الأراضي السلالية، إذ ماعاد من الممكن استغلالها بالشكل البدائي، بل من الضروري أن تتحول إلى آلية مساعدة على تحويل الفلاحة إلى قطاع منتج بمؤهلات تنافسية عالية.
وأضاف، في هذا السياق، أن صياغة نموذج تنموي يعكس التوجهات الجديدة للمملكة يتطلب تفعيل الجهوية واللاتمركز الإداري، بعدما اختار المغرب توجها خاصا يسير نحو وضع قطيعة مع المركزية، التي لم تعد قادرة على تحقيق الطموحات التنموية التي يتوخى من خلالها المغرب الالتحاق بركب الدول المتقدمة.
وأشار إلى أنه، انطلاقا من رؤية استباقية، يتعين تزويد النموذج التنموي المراد بلورته بآليات تسمح له بتوقع بعض الصعوبات قبل وقوعها، والقدرة على التنبؤ بالأزمات والمشاكل المحتملة الوقوع، إلى جانب العمل على استشراف المستقبل عبر تحديد الكيفية التي يمكن من خلالها توظيف الرأسمال اللامادي، في مجال خلق الثروة وتحقيق الطفرة التنموية المنشودة.
وشدد، في هذا الصدد، على أنه من الضروري التركيز على المواطن القادر على المساهمة في خلق الثروة، عبر ضمان انخراطه في دورة الإنتاج، وهو ما لن يتأتى، برأيه، دونما تكوين مهني، مما يستوجب تأهيل وتكوين الشباب المغربي لجعله قادرا على الانخراط في مسار التقدم المرتكز، بالأساس، على تلبية حاجيات المقاولات والمستثمرين في مجال الأطر المتوسطة ذات التكوين الجيد.
وخلص إلى أن النموذج التنموي لا ينبغي أن يكون ذا طبيعة اقتصادية صرفة، بل يجب أن يشكل أرضية حقيقية لعقد اجتماعي جديد، تكون المواطنة بحمولتها الإيجابية إحدى أضلعه الأساسية، بشكل يمكن من تحقيق الالتقائية الشاملة بين مختلف مكونات المجتمع.